فصل: خروج استادسيس.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.خروج استادسيس.

كان رجل ادعى النبوة في جهات خراسان فاجتمع إليه نحو ثلثمائة ألف مقاتل من أهل هراة وباذغيس وسجستان وسار إليه الأخثم عامل مرو الروذ في العساكر فقاتل الأخثم وعامة أصحابه وتتابع القواد في لقائه فهزمهم وبعث المنصور وهو بالبرادق خازم بن خزيمة إلى المهدي في اثني عشر ألفا فولاه المهدي حربه فزحف إليه في عشرين ألفا وجعل على ميمنتة الهيثم بن شعبة بن ظهير وعلى ميسرته نهار بن حصن السعدي وفي مقدمته بكار بن مسلم العقيلي ودفع لواءه للزبرقان ثم راوعهم في المزاحفة وجاء إلى موضع فخندق عليه وجعل له أربعة أبواب وأتى أصحاب أستادسيس بالفؤس والمواعيل ليطموا الخندق فبدؤا بالباب الذي يلي بكار بن مسلم فقاتلهم بكار وأصحابه حتى ردوهم عن بابهم فأقبلوا على باب خازم وتقدم منهم الحريش من أهل سجستان فأمر خازم الهيثم بن شعبة أن يخرج من باب بكار ويأتي العدو من خلفهم وكانوا متوقعين قدوم أبي عون وعمر بن مسلم بن قتيبة وخرج على الحريش واشتد قتاله معهم وبدت أعلام الهيثم من ورائهم فكبر أهل العسكر وحملوا عليهم فكشفوهم ولقيهم أصحاب الهيثم فاستمر فيهم القتل سبعون ألفا وأسر أربعة عشر وتحصن أستادسيس على حكم أبي عون فحكم بأن يوثق هو وبنوه ويعتق الباقون وكتب إلى المهدي بذلك فكتب المهدي إلى المنصور ويقال إن أستادسيس أبو مراجل أم المأمون وابنه غالب خال المأمون الذي قتل الفضل بن سهل.

.ولاية هشام بن عمر الثعلبي على السند.

كان على السند أيام المنصور عمر بن حفص بن عثمان بن قبيصة بن أبي صفرة ويلقب مرامى ألف رجل ولما كان مكن امر المهدي ما قدمناه بعث ابنه عبد الله الأشت إلى البصرة ليدعو له فسار من هنالك إلى عمر بن حفص وكان يتشيع فأهدى له خيلا ليتمكن بها من لقائه ثم دعاه فأجاب وبايع له وأنزله عنده مختفيا ودعا القواد وأهل البلد فأجابوا فمزق الأعلام وهيأ لبسه من البياض يخطب فيها وهو في ذلك إذ فجأه الخبر بقتل المهدي فدخل على ابنه أشتر وعزاه فقال له: الله في دمي فأشار عليه باللحاق بملك من ملوك السند عظيم المملكة كان يعظم جهة النبي صلى الله عليه وسلم وكان معروفا بالوفاء فأرسل إليه بعد أن عاهده عليه واستقر عند ذلك الملك وتسلل إليه جماعة من الزيدية من أربعمائة وبلغ ذلك المنصور فغاظه وكتب إلى عمر بن حفص بعزله وأقام يفكر فيمن يوليه السند وعرض له يوما هشام بن عمر الثعلبي وهو راكب ثم اتبعه إلى بيته وعرض عليه أخته فقال للربيع: لو كانت لي حاجة في النكاح لقبلت فجزاك الله خيرا وقد وليتك السند فتجهز لها وأمره أن يحارب ملك السند ويسلم إليه الأشتر ففعل وأقام المنصور يستحثه ثم خرجت خارجة بالسند فبعث هشام أخاه سفيحا لحسم الداء عنها فمر بنواحي ذلك الملك فوجد الأشتر يتنزه في شاطئ همذان في عشرة من الفراسان فجاء ليأخذه فقاتلهم حتى قتل وقتل أصحابه جميعا وكتب هشام بذلك إلى المنصور فشكره وأمر بمحاربة ذلك الملك فظفر به وغلب على مملكته وبعث بسراري عبد الله الأشتر ومعه ولد منه اسمه عبد الله بعث بهم المنصور إلى المدينة وأسلمه إلى أهله ولما ولى هشام بن عمر على السند وعزل عمر بن حفص عنها ثم حدثت فتق بأفريقية بعثه إلى سده كما سيأتي في أخبارها.

.بناء الرصافة للمهدي.

ولما رجع المهدي من خراسان قدم عليه أهله بيته من الشام والكوفة والبصرة فأجازهم وكساهم وجملهم وكذلك المنصور ثم شعب عليهم الجند فأشار عليهم قثم بن العباس بن عبيد الله بن العباس بأن يفرق بينهم ويستكفيه في ذلك وأمر بعض غلمانه أن يعترضه بدار الخلافة ويسأله بحق الله ورسله والعباس وأمير المؤمنين أبي الحسين من أشرف اليمن أم مضر؟ فقال: مضر كان منها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها كتاب الله وعندها بيت الله ومنها خليفة الله فغضب اليمن إذ لم يذكر لها فضلا ثم كبح بعضهم بغلة قثم فامتنعت مضر وقطعوا الذي كبحها فتشاجر الحيان وتعصبت لليمن ربيعة والخراسانية للدولة وأصبحوا أربع فرق وقال قثم للمنصور: إضرب كل واحدة بالأخرى وسير لابنك المهدي فلل أنير له بجنده فيتناظرون أهل مدينتك فقبل رأيه وأمر صالحا صاحب المصلى ببناء الرصافة للمهدي.

.مقتل معن بن زائدة.

كان المنصور قد ولى على سجستان معن بن زائدة الشيباني وأرسل إلى رتبيل في الضريبة التي عليه فبعث بها عروضا زائدة الثمن فغضب معن وسار الرخج على مقدمته يزيد ابن أخيه يزيد ففتحها وسبى أهلها وقتلهم ومضى رتبيل إلى عزمه وانصرف معن إلى بست فشتى بها ونكر قوم من الخوارج سيرته فهجموا عليه وفتكوا به في بيته وقام يزيد بأمر سجستان وقتل قاتليه واشتدت على أهل البلاد وطأته فتحيل بعضهم بأن كتب المنصور على لسان كتابا يتضجر من كتب المهدي إليه ويسأله أن يعفى من معاملته فأغضب ذلك المنصور وأقرأ المهدي كتابه وعزله وحبسه ثم شفع فيه شخص إلى مدينة السلام فلم يزل مجفوا حتى بعث إلى يوسف البرم بخراسان كما يذكر بعد.